وأمّا فناء شهود المعرفة لإسقاطها، فيريد به: أنَّ المعرفةَ تسقُط في شهود العيان، إذ هو فوقها، وهي تفنى فيه؛ فيشهد سقوطَها في العيان، ثمّ يسقُط شهودُ سقوطها. وصاحب "المنازل" يرى أنّ المعرفة قد يصحبها شيءٌ من حجاب العلم، ولا يرتفع ذلك الحجاب إلّا بالعيان، فحينئذٍ تفنى في حقِّه المعارفُ، فيشهد فناءَها وسقوطَها؛ ولكن بعدُ عليه بقيّةٌ لا تزول عنه حتّى يسقط شهودُ فنائها وسقوطِها منه. فالعارفُ يخالطه بقيّةٌ من العلم لا تزول إلّا بالمعاينة، والمعايِنُ قد يخالطه بقيّةٌ من المعرفة لا تزول إلّا بشهود سقوطها، ثمّ سقوطِ شهودِ هذا السُّقوط (١).
وأمّا فناء شهود العِيان لإسقاطه، يعني (٢) أنَّ العيانَ أيضًا يسقُط فيشهده العبدُ ساقطًا، فلا يبقى إلّا المعايَنُ وحدَه.
(١) هذا التفسير مأخوذ من "شرح التلمساني" (٢/ ٥٧١ - ٥٧٢). (٢) كذا في النسخ دون الفاء على جواب أمَّا، ولحذفها نظائر في أحاديث "صحيح البخاري"، انظر: "شواهد التوضيح" (ص ١٩٨ - دار البشائر الإسلامية) ولكن حذفت هنا ــ فيما يظهر ــ لمتابعة المؤلف "شرح التلمساني" (٢/ ٥٧٢) ذاهلًا عن سياقه.