أحدٍ إلّا وقد عُلِمَ مقعدُه من الجنّة، ومقعدُه من النّار» قالوا: يا رسول الله، أفلا ندَعُ العملُ ونتّكلُ على الكتاب؟ فقال:«لا، اعملوا، فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له».
وفي «الصحيح»(١) أيضًا أنّه قيل له: يا رسول الله، أرأيتَ ما يكدَح النّاسُ فيه اليوم ويعملون: أمرٌ قُضِيَ عليهم ومضى أم فيما يستقبلون ممّا آتاهم فيه الحجّة؟ فقال:«بل شيءٌ قُضي عليهم ومضى فيهم». قالوا: يا رسولَ الله، أفلا ندَعُ العملَ ونتّكل على كتابنا؟ فقال:«لا، اعملوا فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِق له».
وفي «السُّنن»(٢) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنّه قيل له: أرأيتَ أدويةً نتداوى بها، ورقًى نسترقي بها، وتقاةً نتّقي بها= هل تردُّ مِن قدر الله شيئًا؟ فقال:«هي من قدر الله».
وكذلك قولُ عمر لأبي عبيدة، وقد قال له أبو عبيدة: أتفرُّ من قدر الله؟ ــ يعني من الطاعون ــ فقال: أفرُّ من قدر الله إلى قدر الله (٣).
وقد قال تعالى في السَّحاب:{بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ}[الأعراف: ٥٧]. وقال تعالى:{فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[البقرة: ١٦٤]. وقال تعالى:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة: ١٦]. وقال تعالى:{بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف: ٤٣]، {بِمَا
(١) أخرجه البخاري (٦٥٩٦) ومسلم (٢٦٥٠) من حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه -. (٢) للترمذي (٢٠٦٥، ٢١٤٨) وابن ماجه (٣٤٣٧)، وقد تقدم تخريجه مفصَّلًا في المجلد الأول (ص ٣١٢). (٣) أخرجه البخاري (٥٧٢٩) ومسلم (٢٢١٩) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.