والحقُّ الذي خُلقت به السّماواتُ والأرضُ ولأجله: هو التَّوحيدُ وحقوقُه من الأمر والنّهي والثّواب والعقاب. فالشَّرعُ والقدَرُ، والخلقُ والأمرُ، والثَّوابُ والعقابُ= قائمٌ بالتَّوحيدِ والعدلِ، والتّوحيد صادرٌ عنهما. وهذا هو الصِّراط المستقيم الذي عليه (١) الرَّبُّ سبحانه. قال تعالى حكايةً عن نبيِّه شعيب (٢) أنه قال: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[هود: ٥٦]. فهو سبحانه على صراطٍ مستقيمٍ في قوله وفعله، فهو يقول الحقّ، ويفعل العدل. {وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ (٣) رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: ١١٥]، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}[الأحزاب: ٤].
فالصِّراط المستقيم الذي عليه ربُّنا تبارك وتعالى هو مقتضى التّوحيد والعدل. قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ
(١) ت: «عيّنه»، تحريف. (٢) وكذا في «أعلام الموقعين» (١/ ٣٢٦) و «روضة المحبين» (ص ٩٥) و «مفتاح دار السعادة» (٢/ ١٠٥٨) أيضًا، والصواب: «هود» كما في «الداء والدواء» (ص ٤٨٠) وغيره. (٣) كذا في النسخ على قراءة أبي عمرو وغيره.