ويقول أفضلهم (١) ــ عند نفسه (٢) ــ عند الموت: أخرج من الدُّنيا وما عرفتُ شيئًا إلّا مسألةً واحدةً، وهي أنّ الممكن يفتقر إلى واجبٍ. ثمّ قال: الافتقار أمرٌ عدميٌّ، فأموت ولم أعرف شيئًا.
وهذا أكثر من أن يذكر، كما قال بعض السّلف (٣): أكثَرُ النّاس شكًّا عند الموت أربابُ الكلام.
وآخرون أعظَمُ تكلُّفًا من هؤلاء وأبعَدُ شيءٍ عن العلم النّافع: أرباب الهَيُولي والصُّورة، والأُستُقُصَّات (٤) والأركان، والعلل الأربعة، والجواهر العقليّة، والمفارقات والمجرَّدات، والمقولات العشر، والكلِّيّات الخمس، والمختلطات والموجّهات، والقضايا المسوَّرات، والقضايا المهملات (٥).
(١) يقصد: أفضل الدين محمد بن ناماوَر الخونجي الشافعي (ت ٦٤٩). وقد ذكر شيخ الإسلام في «درء التعارض» (١/ ١٦٢) أن التلمساني ذكر أنه سمع كلامه الآتي عنه وقت موته. وقال فيه (٣/ ٢٦٢) أنه بلغه عنه بإسناد متصل. وانظر: «الصواعق» (ص ١٦٨, ٦٦٤, ١٢٦٢). (٢) في ر: «عن نفسه» , وهو أشبه, إذ وصفه المؤلف نفسه بأفضل المتأخرين في «الصواعق» (ص ٦٦٤). (٣) كذا قال هنا! وفي «الصواعق» (ص ١٢٦٢): «قال العارف بحقيقة أمرهم». وعزاه شيخ الإسلام إلى أبي حامد الغزالي. انظر: «مجموع الفتاوى» (٤/ ٢٨). (٤) هي العناصر الأربعة: النار والهواء والماء والأرض, وهي لفظة يونانية. انظر: «مفاتيح العلوم» للخوارزمي (ص ١٣٦) و «التعريفات» للجرجاني (ص ٢٤). (٥) راجع لتفسير هذه المصطلحات المنطقية: «مفاتيح العلوم» للخوارزمي, و «التعريفات» للجرجاني, و «موسوعة مصطلحات علم المنطق عند العرب» طبعة مكتبة لبنان ناشرون, وغيرها من معاجم المصطلحات.