فغايةُ صاحب هذا: أن يُغفَر له هذه الذُّنوب ويُعفى عنه، وأمّا أن يُعَدّ ذلك في مناقبه وفي الغيرة المحمودة= فسبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ.
ومن هذا: ما ذُكِر عن أبي الحسين النُّوريِّ: أنّه سمع رجلًا يُؤذِّن، فقال: طعنةً وسمَّ الموتِ. وسمع كلبًا ينبحُ، فقال: لبّيكَ وسعديكَ. فقالوا له: هذا تركٌ للدِّين. وصدقوا والله، يقول للمؤذِّن في تشهُّده: طعنةً وسمَّ الموتِ، ويُلبِّي نُباحَ الكلب؟! فقال: أمّا ذاك فكان يذكر الله عن رأس الغفلة، وأمّا الكلب فقد قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}(١)[الإسراء: ٤٤].
فيالله (٢)! ماذا ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُواجه به هذا القائلَ لو رآه يقول ذلك، أو عمر بن الخطّاب، أو مَن عدّ ذلك في المناقب والمحاسن؟!
وسمع الشِّبليُّ رجلًا يقول: جلَّ الله. فقال: أحبُّ أن تُجِلَّه عن هذا (٣).
وأَذَّن مرّةً، فلمّا بلغَ الشّهادتين فقال: لولا أنّك أمرتَني ما ذكرتُ معك غيَرك (٤).
وقال بعض الجُهَّال من القوم:«لا إله إلّا الله» من أصل القلب، و «محمّدٌ رسول الله» من القُرْط (٥).
(١) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٥٢). وانتقده شيخ الإسلام في «الاستقامة» (٢/ ١٥)، والمؤلف في «روضة المحبين» (ص ٤٢٩). (٢) ت: «فبالله». (٣) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٥٢). (٤) المصدر نفسه. (٥) المصدر نفسه. وهو منسوب فيه إلى أبي الحسن الخَرْقاني.