أحدها: أنّهم أذلّةٌ على المؤمنين. قيل (١): معناه أرقّاءُ رحماء، مشفقون عليهم، عاطفون (٢) عليهم. فلمّا ضمّن «أذلّةً» هذا المعنى عدّاه بأداة «على». قال عطاءٌ - رضي الله عنه - (٣): للمؤمنين كالولد لوالده والعبد لسيِّده، وعلى الكافرين كالأسد على فريسته، {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩].
العلامة الثّالثة (٤): الجهاد في سبيل الله بالنّفس واليد واللِّسان والمال، وذلك تحقيق دعوى المحبّة.
العلامة الرّابعة: أنّهم لا يأخذهم في الله لومةُ لائمٍ. وهذا علامة صحّة المحبّة، فكلُّ محبٍّ أخذه اللّوم عن محبوبه فليس بمحبٍّ على الحقيقة. كما قيل (٥):
لا كان مَن لِسواك فيه بقيّةٌ ... يجد السّبيلَ بها إليه اللُّوَّمُ
وقال تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الإسراء: ٥٧]. فذِكْرُ المقامات الثّلاث ــ الحب، وهو ابتغاء القرب إليه والتّوسُّل إليه بالأعمال الصّالحة. والرّجاء،
(١) «تفسير البغوي» (٢/ ٤٦). (٢) ل: «مشفقين عليهم عاطفين». (٣) «تفسير البغوي» (٢/ ٤٧). (٤) كذا في النسخ، وقد ذُكرت العلامتان فيما مضى، وهما كونهم أذلة على المؤمنين وأعزة على الكافرين. (٥) أنشده المؤلف في «طريق الهجرتين» (٢/ ٥٠٣، ٦٣٨)، و «الفوائد» (ص ٨٩)، والقافية فيهما «العُذَّلُ». ولم أعرف القائل.