أحدها: اللّطيفة المودَعة في هذا القالب، التي بها حصل له الإدراك والمحبّة والإرادة والعلم. وذلك هو الرُّوح.
الثّاني: معنًى قائمٌ بالرُّوح، نسبته إلى الرُّوح كنسبة الرُّوح إلى البدن. وغالبُ ما يريدون به هذا المعنى.
وعندهم: أنّ القلب أشرف ما في البدن، والرُّوح أشرف من القلب، والسِّرّ ألطفُ من الرُّوح (١).
وعندهم: للسِّرِّ سرٌّ آخر لا يطّلع عليه غير الحقِّ سبحانه وتعالى، وصاحبه لا يطّلع عليه. وإن اطّلع على سرِّه فيقولون: السِّرُّ ما لكَ عليه إشرافٌ، وسرُّ السِّرِّ ما لا اطِّلاعَ عليه لغير الحقِّ سبحانه (٢).
والمعنى الثّالث: يراد به ما يكون مَصُونًا مكتومًا بين العبد وبين ربِّه، من الأحوال والمقامات. كما قال بعضهم: أسرارنا بِكرٌ، لم يَفْتضَّها وهمُ واهمٍ (٣). ويقول قائلهم: لو عَرفَ زِرِّي سرِّي لطرحتُه (٤).
والمقصود قوله:«ينبت في الأسرار الطّاهرة». يعني: الطّاهرة من كَدَر الدُّنيا والاشتغال بها، وعلائقِها التي تعوق الأرواح عن ديار الأفراح، فإنّ هذه
(١) «الرسالة القشيرية» (ص ٢٩٣). (٢) المصدر نفسه. (٣) المصدر نفسه. (٤) المصدر نفسه.