وهذا المعنى أجلُّ من أن يسمّى فقرًا، بل هو حقيقة العبوديّة ولبُّها، وعزْلُ النّفس عن مزاحمة الرُّبوبيّة.
وسئل عنه يحيى بن معاذٍ - رضي الله عنه - فقال: حقيقته أن لا يستغني إلّا بالله، ورسمُه: عدمُ الأسبابِ كلِّها (١).
يقول: عدم الوثوق بها والوقوف معها. وهو كما قال بعض المشايخ: شيءٌ (٢) لا يضعه الله إلّا عند من يحبُّه، ويسوقه إلى من يريد (٣).
وسئل رُوَيمٌ عن الفقر؟ فقال: إرسال النّفس في أحكام الله (٤).
وهذا إنّما يُحمَد في إرسالها في أحكامه الدِّينيّة والقدريّة التي لا يُؤمَر بمدافعتها والتّحرُّز منها.
وسئل أبو حفصٍ: بما (٥) يَقدَم الفقيرُ على ربِّه؟ فقال: وما للفقير أن يقدَم على ربِّه بسوى (٦) فقرِه (٧).
(١) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٧٢). (٢) كذا في ل. وفي «الرسالة القشيرية»: «سِرٌّ». وليست في ش، د. (٣) كذا في ل. وفي ش، د شطب على «لا» و «إلا». وفي «القشيرية» (ص ٥٧٢): «لا يضع سِرَّه عند من يحمله إلى من يزيد (أو يريد). وفي «اللمع» (ص ٢٠٢): «لا يضعه عند من يُفشِيه». (٤) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٧٣). (٥) كذا في الأصول. وفي «القشيرية»: «بماذا». (٦) ل: «سوى». (٧) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٧٤).