إساءته إليه. والكمال هو مغفرة القادر العالم، وهو العزيز الحكيم. فكان ذكر هاتين الصِّفتين في هذا المقام عينَ الأدب في الخطاب.
وفي بعض الآثار: «حملة العرش أربعةٌ: اثنان يقولان: سبحانك اللهمّ ربَّنا وبحمدك، لك الحمدُ على حِلمك بعد علمك. واثنان يقولان: سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك، لك الحمد (١) على عفوِك بعد قدرتك» (٢). ولهذا يقترن كلٌّ من هاتين الصِّفتين بالأخرى، كقوله:{وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}[النساء: ١٢]، وقوله:{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}(٣)[النساء: ١٤٩].
وكذلك قول إبراهيم الخليل عليه السلام: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٧٨ - ٨٠]، ولم يقل:«وإذا أمرضني» حفظًا للأدب مع الله.
وكذلك قول الخضر عليه السّلام في السّفينة:{فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}[الكهف: ٧٩]، ولم يقل:«فأراد ربُّك أن أعيبها». وقال في الغلامين:{فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}[الكهف: ٨٢].
(١) «على حلمك ... لك الحمد» ساقطة من ل، د بسبب انتقال النظر. (٢) هذا الأثر مروي عن بعض السلف لكن بلفظ: «حملة العرش ثمانية، أربعة يقولون ... ». رواه ابن أبي شيبة في كتاب «العرش» (٢٤)، والطبراني في «الكبير» (١٩/ ٧) عن شهر بن حوشب. ورواه أبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٧٤) عن حسان بن عطية، وقال الذهبي: إسناده قوي، ووافقه الألباني في «مختصر العلو» (ص ١٠١). ورواه أبو نعيم أيضًا في «الحلية» (٣/ ٥٥) وأبو الشيخ في «العظمة» (٣/ ٩٥٤) عن هارون بن رئاب. (٣) في النسخ: «وكان الله عفوًّا قديرًا».