واستضاف رجلٌ بجماعةٍ (٢) من الفتيان، فلمّا فرغوا من الطّعام خرجت جاريةٌ تَصُبُّ الماء على أيديهم، فانقبض واحدٌ منهم وقال: ليس من الفتوّة أن تَصُبَّ النِّسوانُ الماء على أيدي الرِّجال، فقال آخر منهم: أنا منذ سنين (٣) أدخل هذه (٤) الدّار، ولم أعلم أنّ امرأةً تَصُبُّ الماء على أيدينا أو رجلًا (٥).
وقدِمَ جماعة فتيانٍ لزيارة فتًى، فقال الرّجل: يا غلامُ قَدِّم السُّفرة. فلم يُقدِّم، فقالها ثانيًا فلم يقدِّم، وثالثًا، فنظر بعضهم إلى بعضٍ وقالوا (٦): ليس من الفتوّة أن يستخدم الرّجل (٧) من يتعاصى عليه في تقديم السُّفرة كلَّ هذا. فقال الرّجل: لم أبطأتَ بالسُّفرة؟ فقال الغلام: كان عليها نَمْلٌ، فلم يكن من الأدب تقديم السُّفرة إلى الفتيان مع النّمل، ولم يكن من الفتوّة إلقاء النّمل وطَرْدهم عن الزّاد، فلبِثتُ حتّى دبَّ النّمل. فقالوا: يا غلام، مثلُك يخدم الفتيان (٨).
ومن الفتوّة التي لا تُلْحَق: ما يُذكر أنّ رجلًا نام من الحاجِّ في المدينة،
(١) المصدر نفسه (ص ٥١٠). وفيه: قاله بعض أصدقائنا. (٢) كذا في الأصول، والفعل «استضاف» يتعدى بدون حرف الجر. (٣) ل: «منذ ستين سنة». والمثبت من ش، د موافق لمصدر المؤلف. (٤) ل: «إلى هذ». (٥) «الرسالة القشيرية» (ص ٥١٠). (٦) ل: «وقال». (٧) «الرجل» ليست في ش، د. (٨) «الرسالة القشيرية» (ص ٥١١).