وطَوَّعتْ له به أنفسُهم سَماحةً واختيارًا، ولا يَحمِلهم على العَنَت والمشقّة فيُفسِدهم.
وواجبُه عند جهل الجاهلين عليه: الإعراض عنهم (١)، وعدمُ مقابلتِهم والانتقامِ منهم (٢) لنفسه،. فقال الله لنبيِّه:{خُذِ الْعَفْوَ}(٣). قال عبد الله بن الزُّبير - رضي الله عنهما -: أمر الله نبيَّه أن يأخذَ العَفْو من أخلاق النّاس (٤).
وقال مجاهدٌ: يعني خذ العفْوَ من أخلاقِ النّاس وأعمالِهم من غير تجسيس (٥). مثل قبول الاعتذار، والعفو والمساهلة، وترك الاستقصاءِ والبحثِ (٦) والتّفتيشِ عن حقائق بواطنهم.
وقال ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما -: خُذْ ما عفا لك من أموالهم (٧). وهو الفضل عن العيال، وذلك معنى قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ اِلْعَفْوُ كَذَلِكَ}[البقرة: ٢١٩].
ثمّ قال تعالى:{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}، وهو كلُّ معروفٍ، وأعرَفُه: التّوحيد، ثمّ حقوق العبوديّة وحقوق العبيد.
(١) «عنهم» ليست في ل. (٢) ش، د: «منه». (٣) بعدها في ل: «وأمر بالعرف». (٤) رواه البخاري (٤٦٤٤) وأبو داود (٤٧٨٧) وغيرهما. (٥) رواه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٦٤١) وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٣٧) وغيرهما. (٦) ل: «عن البحث». (٧) رواه الطبري (١٠/ ٦٤١) وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٤٨). وانظر: «الدر المنثور» (٦/ ٧١٣).