وقد أمر الله سبحانه في كتابه بالصبر الجميل والصفح الجميل والهجر الجميل (١)، فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدَّس الله روحه ــ يقول: الصبر الجميل (٢) الذي لا شكوى معه (٣)، والصفح الجميل: الذي لا عتاب معه، والهجر الجميل: الذي لا أذى معه (٤).
وفي أثرٍ إسرائيلي: أوحى الله إلى نبيٍّ من أنبيائه: أنزلت بعبدي بلائي فدعاني، فماطلته بالإجابة فشكاني، فقلت: عبدي، كيف أرحمك من شيءٍ به أرحمك؟! (٥).
وقال ابن عيينة في قوله:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}[السجدة: ٢٤]: أخذوا برأس الأمر فجعلهم رؤوسًا (٦).
(١) الصبر الجميل لم يأت مأمورًا به، وإنما ورد على لسان يعقوب عليه السلام: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨]. وجاء الأمر بالصفح الجميل في قوله: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: ٨٥]، وبالهجر الجميل في قوله: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: ١٠]. (٢) «والصفح الجميل ... الصبر الجميل» من ع، ولعله سقط من الأصل وغيره لانتقال النظر. (٣) ع: «فيه ولا معه». (٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٦٦٦). (٥) «القشيرية» (ص ٤٤٥). (٦) ذكره القشيري (ص ٤٤٥). وذكره ابن كثير في «تفسيره» عن ابن بنت الشافعي قال: قرأ أبي على عمِّي ــ أو عمي على أبي ــ سئل سفيان بن عيينة عن قول علي - رضي الله عنه -: «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد»، فقال: ألم تسمع قوله تعالى ... فذكره.