وإطلاق العلم (١) على مثل هذا التهيؤ، شائع عرفا (٢)، فلا يخدش ذلك في الحد، فإنه يقال : فلان يعلم النحو، ولا يراد أن جميع مسائله حاضرة عنده على التفصيل، بل أنه/ [ظ ٣] متهيئ لذلك فقط.
وبهذا يندفع ما يقال (٣) : إن أريد التهيؤ البعيد، فهو حاصل لغير الفقيه؛ وإن أريد القريب، فغير مضبوط، إذ لا يعرف أي قدر من الاستعداد يقال له : التهيؤ القريب.
فإن قلت : لا دلالة للفظ «العلم» على التهيؤ المخصوص.
[قلنا](٤) : لا نسلم أن لا دلالة [له](٥) على ذلك، فإن معناه : ملكة يقتدر بها على [إدراك](٦) جزئيات الأحكام، ومن المعلوم عرفا : إطلاق العلم على الملكة، كقولهم في تعريف العلوم :«علم كذا»(٧). فإن المحققين
(١) (الطرة) : قدم أن المراد به الظن مجازا، وذكر هنا أن المراد به التهيؤ مجازا، وأحدهما ينافي الآخر. وأجيب بأن المراد تقدير مضاف قبل العلم أي «الفقه تهيؤ العلم» أي : الظن بالأحكام. وتسامح في قوله هنا : «وإطلاق العلم. . . الخ» ومراده ما ذكر، والله أعلم. وكلام هذا الشارح بعد يدل على أن العلم أطلق على التهيؤ نفسه بقرينة العرف. (٢) (الطرة) : فإطلاقه على ما ذكر حقيقة عرفية لا مجاز. (٣) لينظر في هذه الاعتراضات وغيرها كتاب التلويح في كشف حقائق التنقيح للتفتازاني (ص ١٦ - ١٧)، ومنها ما نقل بنصه، كما أشار الشارح إليه. (٤) في (أ) و (د) : (قلت)، والمثبت من (ب) و (ج) تسوية لهذا الموضع بما بعده. (٥) سقط ما بين المعقوفتين من (أ) و (د)، والمثبت من (ب) و (ج)، فهو أبين. (٦) في (أ) : (إدراكات)، والمثبت متفق عليه فيما عداه. (٧) زاد في غير (أ) : و (وعلم كذا).