قلت: وهو ضدُّ الإخلاص، وتارةً يَتَمَحَّضُ الرياءُ، وهو أن يريدَ بعمل الآخرة نفعَ الدنيا؛ كما تقدم، وتارةً لا يتمحَّضُ بأن يريدَهما جميعًا -أعني: نفعَ الدنيا والآخرة-، وبسطُ هذا في كتب الرقائق.
الرابع: القتالُ للشجاعة، يحتمل ثلاثة أوجه:
الأول: أن يُقاتل إظهارًا لشجاعته، ليقال: إنَّ فلانًا شجاعٌ، وهذا ضدُّ الإخلاص، وهو الذي يُقال فيه: لكي يُقال، وقد قيل، ويكون الفرق بين هذا القِسْم وبين قوله بعدُ (٣): ويقاتل رياءً: أن يكون المراد بالرياء: إظهارَ المقاتَلَةِ لإعلاء كلمة اللَّه تعالى، وبذلَ النفس في رضاه، والرغبة فيما عنده (٤)، وهو في باطن الأمر (٥) بخلاف ذلك، لا ليقال: إنه شجاع، والذي قلنا: إنه قاتل إظهارًا للشجاعة ليس مقصودُه إلا تحصيلَ المدح على الشجاعة من الناس (٦)، فقد رأيت افتراق القصدين.
(١) انظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٣٢٥)، (مادة: حمى). (٢) في "ت": "والأشهر الأكثر". (٣) "وبين قوله بعد" ليس في "ت". (٤) "والرغبة فيما عنده" ليس في "خ". (٥) في "خ": "الباطن". (٦) "من الناس" ليس في "ت".