وروي عن عمر -رضي اللَّه عنه-: أنه قال: اللهمَّ قد رَقَّ عظمي، وانتشرت رعيتي، فتوفَّني غيرَ مقصّرٍ، ولا عاجِزٍ (١).
قال الإمام: وقد يُشكل في هذا الموضع أن يقال (٢): إذا كان الجهاد طاعةً، فتمنِّي الطاعةِ كيف يُنهى عنه؟! قيل: قد يكون المرادُ بهذا: أن التمني رُبما أثار فتنة (٣)، وأدخل حسرة إذا تُسِّهل (٤) في ذلك، واستخفَّ (٥) به، ومن استخفَّ بعدوه، فقد أضاعَ الحزمَ، فيكون المراد بهذا؛ أي: لا تستهينوا (٦) بالعدوّ، فتتركوا الحذرَ والتحفُّظَ على أنفسكم، وعلى المسلمين، أو يكون المراد: لا تتمنوا لقاءه على حالة شك في غلبته لكم، أو يخاف منه أن يستبيح الحريم، ويذهب الأنفس والأموال، أو يدرك (٧) منه ضرر (٨)، ثم أمر -عليه الصلاة والسلام- بالصبر عند وقوع الحقيقة، فإن مَنْ صَبَر، كان اللَّهُ
(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٢٤)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٣٣٤)، والحاكم في "المستدرك" (٤٥١٣). (٢) في "ت": "قال". (٣) في "أثار فتنة" ليس في "خ". (٤) في "خ": "سهل". (٥) في "خ": "والتحق". (٦) في "ت": "لا تستخفوا". (٧) في "خ": "ينزل". (٨) انظر: "المعلم" للمازري (٣/ ٩)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (٦/ ٤٣).