اسْتَوْخَمُوها؛ أي: لم تُوافِقْهم؛ كما قال: وسقمَتْ أجسامُهم، وهو مأخوذ من الجَوَى، وهو داءٌ في الجَوْف، وهذا مِصْداق قوله -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّ المَدِينَةَ لَتَنْفِي (١) خَبَثَهَا" الحديث (٢)(٣)، فلو كانوا من أهلها، لم يستوخموها، ولكن ليسوا من أهل المقام فيها، فنفَتْهم؛ إذ كانوا من خَبَثها.
واللِّقاح: جمع لِقْحَة -بكسر اللام وإسكان القاف-، وهي الناقة ذاتُ الدر (٤).
الثالث: قوله: "وأمرَهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها" دليلٌ على طهارة بولِ ما يؤكَلُ لحمُه؛ كما هو مذهبنا، واحتجَّ من يرى نجاستَها بجواز التداوي بالمحرَّمات للضرورة، إلا الخمرَ.
وجوابنا عن ذلك: أنها لو كانت نجسة محرمةَ الشرب، لما جاز التداوي بها؛ لأن اللَّه -تعالى- لم يجعل شفاءَ هذه الأمة فيما حَرَّمَ عليها؛ كما في الحديث (٥).
(١) في "خ": "تلقي". (٢) "الحديث" ليس في "ت". (٣) رواه البخاري (١٧٨٤)، كتاب: فضائل المدينة، باب: المدينة تنفي الخبث، ومسلم (١٣٨٣)، كتاب: الحج، باب: المدينة تنفي شرارها، من حديث جابر -رضي اللَّه عنهما-. (٤) في "خ": "الذر". (٥) رواه أبو داود (٣٨٧٤)، كتاب: الطب، باب: الأودية المكروهة، من =