الثالث: قوله: "بالحجِّ": ظاهرُه (١) يدل على الإفراد، وهي روايةُ جابر.
الرابع: قوله: "أهللتُ بما أهلَّ به النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-":
ع: أخذ بظاهره الشافعي وجوَّز (٢) الإهلال بالنيَّة المبهَمَة.
قال: ثم له بعدُ أن ينقلها لما شاء من حَجٍّ أو عُمرة، وله عنده أن ينتقل من نسك إلى غيره، وخالفه سائرُ العلماء والأئمة؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"(٣)، ولقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]، ولقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣]، ولأن هذا كان لهؤلاء خصوصًا؛ إذ كان شرعُ الحجِّ بَعْدُ (٤)، وما فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يستقرَّ ولم يكمُلْ بعدُ، فلم يمكنه الإقدامُ على أمرٍ بغير تحقيق (٥).
الخامس: قوله: "وأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه أن يجعلوها عُمرةً": يريد ممن لا هَدْيَ معه، فهو عمومٌ أُريد به الخصوص.
قال الإمام المازري: جمهور الفقهاء على أن فسخ الحج في العمرة إنما كان خاصة للصحابة، وأنه -عليه الصلاة والسلام- إنما
(١) في "ت": "ظاهرٌ". (٢) في "خ": "وجوب". (٣) تقدم تخريجه. (٤) "بعد" ليس في "ت". (٥) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٢٥٩).