أمرهم [بذلك] لمخالفة (١) ما كانت (٢) عليه الجاهلية؛ من أنها لا تَستبيح العمرةَ في أشهر الحج، ويقولون: إذا بَرَأَ الدَّبَر، وعَفَا الأَثَر، وانْسَلَخَ صَفَر، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ (٣)؛ أي: برىء الدَّبَر الذي في ظهر الإبل عندَ انصرافها من الحجِّ من كثرة السير عليها، وعفا الأثر معناه: امَّحَى ودَرَسَ (٤)، ويكون عفا -أيضًا- بمعنى: كَثُرَ، قال اللَّه تعالى:{حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا}[الأعراف: ٩٥]؛ أي: كَثُروا، وهو من الأضداد، ويروى: عَفَا الوَبَر.
وقال بعض (٥) أصحاب الظاهر: ذلك جائزٌ إلى الآن، واحتجوا بقوله -عليه الصلاة والسلام- لسراقَةَ:"بَلْ لِلأَبَدِ (٦) "(٧).
ويحتمل عندنا أن يريد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "بَلْ لأَبَد (٨) ": الاعتمارَ في أشهر الحج، لا فسخَ الحجِّ في العُمرة.
(١) في "ت": "بمخالفة". (٢) في "ت": "ما كان". (٣) سيأتي تخريجه في الحديث الثالث من هذا الباب عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (٤) "امحى ودرس" ليس في "ت". (٥) "بعض" ليس في "ت". (٦) في "خ": "بل لأبد الأبد". (٧) رواه البخاري (١٦٩٣)، كتاب: العمرة، باب: عمرة التنعيم، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. (٨) في "خ": "بل لأبد".