كان منزلُه بعدَ الميقات، فميقاته منزلُه، ولا يلزمُه الرجوع إلى الميقات الأصلي.
وقوله:"حتى أهلُ مكةَ من مكةَ": يريد: أن أهل مكة يحرمون بالحج خاصةً من مكة، فإن أرادوا الإحرامَ بالعمرة، أو مَنْ كان بها من غير أهلها، لم يحرم بها، وخرجَ إلى أدنى الحِلِّ؛ كما أمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عبدَ الرحمن بنَ أبي بكر أن يخرجَ بعائشةَ، فيُعْمِرها من التنعيم.
تنبيه: لم يُذكر في هذا الحديث ذاتُ عرق، وقد روت عائشة -رضي اللَّه عنها-: أن رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقَّتَ لأهل العراق ذاتَ عِرْقٍ (١)، وهو الصحيح عندَ بعضهم، ودليلُه حديث جابر.
ح: لكنه غيرُ ثابت؛ لعدم جزمِه برفعِه (٢).
قلت: قد ضعَّفه الدارقطني، وقيل: هو من توقيت عمر -رضي اللَّه عنه-؛ لأن العراق فُتح في زمانه، وفي "صحيح البخاري": أن عمر وَقَّته (٣)، ورجَّحَه بعضُهم بما ذكرنا من فتحها في زمانه، وأنها كانت في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دارَ كفرٍ، وهذا احتجاجٌ باطل؛ لأن الشأم -أيضًا- كانت دارَ كفر بإجماع النقلَة، على ما حكاه ابن بزيزة.
وإنَّما (٤) وقَّت النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه المواقيت على حسب ما علمَه
(١) رواه أبو داود (١٧٣٩)، كتاب: المناسك، باب: في المواقيت، والنسائي (٢٦٥٣)، كتاب: الحج، باب: ميقات أهل مصر، وغيرهما. (٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٨/ ٨١). (٣) رواه البخاري (١٤٥٨)، كتاب: الحج، باب: ذات عرق لأهل العراق. (٤) في "خ": "وإما".