وخرَّج النسائي -أيضًا- من حديث عبدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّه بنِ عمرَ: أنه احتلم ليلًا في رمضان، فاستيقظ قبلَ أن يطلع الفجرُ، ثم نام قبل أن يغتسل، فلم يستيقظ حتى أصبحَ، قال: فلقيتُ أبا هريرة حين أصبحتُ، فاستفتيتهُ في ذلك، فقال: أفطرْ؛ فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنبًا، قال عبدُ اللَّه بنُ عبدِ اللَّه بنِ عمرَ بنِ الخطاب: فجئت عبدَ اللَّه بنَ عمر، فذكرتُ له الذي أفتاني به أبو هريرة، فقال: أقسمُ عليكَ لئن أفطرتَ، لأُوجعَنَّك ضربًا، فإن بدا لك أن تصوم يومًا آخر، فافعل (٢).
قال ابن عبد البر في "التمهيد": روي عن أبي هريرة: أنه رجع عن هذه الفتيا إلى ما كان -عليه الصلاة والسلام- من حديث عائشة، ومَنْ تابعها (٣).
وقيل: إن ذلك كان في أول الإسلام، ثم نسخ، وكانوا إذا ناموا، حَرُمَ عليهم الجماعُ، فلما نسُخ ذلك، نُسخ ما تعلق به، واللَّه أعلم.
قال ابن المنذر: نسخ ذلك، ولم يعلَمْه (٤) أبو هريرة، فكان يفتي بما
(١) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٢٩٢٤). (٢) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٢٩٢٥). (٣) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٧/ ٤٢٣). (٤) في "ت": "ولم يعلم به".