قلت: وهذا جمودٌ على ظاهر لفظ الحديث، وإلا، فيحتمل حملُه على المعنى؛ فإنه قد يعبر بالحمل، أو العنق عن المعاني دونَ الذوات، فيقال: حملَ فلانٌ على ظهره، أو على عُنقه دَيْنًا، و (١) نحو ذلك، [فيكون المعنى في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فشر تضعونه عن رقابكم": أنكم تستريحون من نظر من لا خير فيه، أو من مجالسته، ونحو ذلك] (٢)؛ فلا يكون في الحديث دليلٌ على رد قول هذا القائل، ويقوي هذا الاحتمال: أن كل حاضري (٣) الميت لا يحملونه، إنما يحمله القليلُ منهم، لا سيما اليوم؛ فإنه يحمله -في الغالب- مَنْ (٤) لا تعلُّقَ له به، واللَّه أعلم.
الثالث: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فإن تكُ" في الموضعين: هو بحذف النون الخفيفة؛ لكثرة الاستعمال، والأصل:(تَكونُ)، فدخل الجازم، فاسكن النون، فاجتمع ساكنان؛ الواو والنون، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، ثم حذفت النون لما ذكرناه من كثرة الاستعمال؛ كما قالوا: لا أدرِ، فحذفوا الياءَ لذلك، وقد تقدم نحوُ هذا.
الرابع: خَيْرٌ، وشَرٌّ: يجوز أن يكونا مبتدأين، والخبرُ محذوف؛ أي: فلها خير، ولها شر (٥)، وساغ هنا الابتداء بالنكرة؛ لكون فاء الجزاء
(١) في "ت": "أو". (٢) ما بين معكوفتين زيادة من "ت" و"ق". (٣) في "ت": "حاضر في". (٤) في "ت": "مرة ممن" بدل "مَنْ". (٥) في "ت": "وأما" بدل "ولها شر".