بها فأجلستها عن يمينه، فأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بإناء (١) فيه لبن (٢) فشرب، ثم ناولها، وطأطأت رأسها واستحيت (٣)، فقلت: خذي من يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخذت فشربت، ثم قال لها:"ناولي تربك" فقلت: بل أنت فاشرب يا رسول الله! ثم ناولني، فشرب، ثم ناولني، فأدرت الإناء لأضع فمي على موضع فيه، ثم قال:"أعطي صواحباتك" فقلن: لا نشتهيه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجمعن كذباً وجوعاً"
قالت: فأبصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إحداهنَّ سواراً من ذهب، فقال:"أتحبين أن يسورك الله عز وجل مكانه سواراً من نار؟ " قالت: فاعتونا عليه حتى نزعناه فرمينا به، فما ندري أين هو حتى الساعة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما يكفي إحداكنَّ أن تتخذ جماناً من فضة، ثم تأخذ شيئاً من زعفران فتديفه ثم تلطخه عليه فإذا هو كأنه ذهب"
السياق للحميدي.
قال الهيثمي: وشهر فيه كلام، وحديثه حسن" المجمع ٤/ ٥١
وقال البوصيري: هذا إسناد حسن، شهر مختلف فيه" المصباح ٤/ ١٥
قلت: وهو كما قالا.
وحديث أسماء بنت عُميس له عنها طريقان:
الأول: يرويه مجاهد عن أسماء بنت عميس قالت: كنت صاحبةَ عائشةَ التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعي نسوة، فوالله ما وجدنا عنده قِرى إلا قدحاً من لبن، فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية، فقلنا: لا تردي يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خذي منه، فأخذته على حياء فشربت منه، ثم قال:"ناولي صواحبك" فقلنا: لا نشتهيه، فقال:"لا تجمعن جوعاً وكذباً" فقلت: يا رسول الله! إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه، يعد ذلك كذباً؟ قال:"إنَّ الكذب يكتب كذباً حتى تكتب الكذيبة كذيبة"
أخرجه أحمد (٦/ ٤٣٨) عن عثمان بن عمر بن فارس العبدي ثنا يونس بن يزيد الأَيْلي ثنا أبو شداد عن مجاهد به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت"(٥٢٠) وفي "المكارم"(١٤٩) والطبراني في "الكبير"(٢٤/ ١٥٥ - ١٥٦) والبيهقي في "الشعب"(٤٤٨١) من طرق عن عثمان بن عمر به.
(١) وفي رواية لأحمد والطبراني: "بعس من لبن" (٢) وعند ابن بشران: "ماء" (٣) زاد أحمد في رواية وابن بشران: فانتهرتها.