وتعتبر الخبرة؛ لأنه لا يتمكن من الحكم بالمِثل إلا من له خبرةٌ.
(ويجوز أن يكون القاتل أحدَ العدلين)؛ لعموم قوله تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥]، والقاتل من عدولنا، وروى الشافعي في مسنده بإسناده عن طارق بن شهاب قال:«خرجنا حُجّاجًا، فأوطأ رجل منّا يقال له أربد ضبًّا، ففزر ظهره، فقدمنا على عمر فسأله أربد، فقال له: احكم يا أربد فيه. فقال: أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم. فقال عمر: إنما أمرتك أن تحكم، ولم آمرك أن تزكيَني! فقال أربد: أرى فيه جديًا قد جمع الماء والشجر، قال عمر: فذلك فيه»(١)، فأمره عمر أن يحكم وهو القاتل، وأمر أيضًا كعب الأحبار ﵁ أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم (٢)، ولأنه مالٌ يخرج في حق الله، فجاز أن يكون من وجب عليه أمينًا فيه كالزكاة.
قال أصحابنا:(في كبير الصيد كبيرٌ مثله من النعم، وفي الصغير صغير، وفي الصحيح صحيح، وفي المعيب معيب مثله)، قال مالك:«في المعيب صحيحٌ، وفي الصغير كبيرٌ»(٣)؛ لقوله تعالى: ﴿هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥]، ولأنها كفارةٌ متعلقةٌ بقتل حَيَوانٍ فلم يختلف بصغره وكبره ككفارة قتل الآدمي.
ولنا: قوله سبحانه: ﴿فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، ومثل الصغير صغير، والهدي في الآية مقيدٌ بالمثل، وقد أجمع الصحابة على
(١) سبق تخريجه قريبًا. (٢) أخرجه الشافعي في مسنده ص ١٣٥، والبيهقي من طريقه ٥/ ٢٠٦، وصححه النووي في المجموع ٧/ ٢٩٨. (٣) لم أعثر عليه في مظان كتبه، وهو المذهب عندهم. ينظر: الذخيرة ٣/ ٣٣٣، والشرح الكبير للدردير ٢/ ٨٨، والتاج والإكليل ٣/ ١٨٢.