وقال:«أفضلُ الحجِّ العَجُّ والثَّجُّ»(١)، يعنى: إسالة الدماء بالذبح والنحر، وليس في هذا خلافٌ، والعج: رفع الصوت بالتلبية، ولهذا قال ﵇:«خمسٌ فواسقُ يقتلن في الحِلِّ والحرم: الفأرة، والغراب، والحِدَأَة، والعقرب، والكلب العقور» رواه مسلم عن عائشة ﵂(٢).
(وأما القمل فرُوي عن أحمد ﵀ إباحة قتله (٣)؛ لقوله ﷺ:«خمسٌ فواسقُ يقتلن في الحل والحرم»(٤)، فدل على إباحة قتل كل ما يؤذي الآدمي في نفسه وماله، والقمل من أكثر الهوامِّ أذية.
(وعنه: أن قتله محرَّم (٥)؛ لأنه يترفه بإزالته عنه، فحرم كقطع الشعر وإزالة الشعث، ولأن النبي ﷺ رأى كعبًا والقمل يتناثر على وجهه فقال:«احلق رأسك»(٦)، فلو كان قتله مباحًا لم يكن ليتركه حتى يصير كذلك، أو لكان النبي ﷺ أمره بإزالته خاصةً، والصئبان كالقمل. (٧)
فإن قتل القمل فلا فدية عليه، فإن كعب بن عجرة ﵁ حين حلق
(١) أخرجه الترمذي في جامعه من حديث أبي بكر الصديق ﵁ (٨٢٧) ٣/ ١٨٩، وابن ماجه في سننه (٢٩٢٤) ٢/ ٩٧٥، وقال الترمذي: «حديث أبي بكر حديث غريب»، وصححه الحاكم في مستدركه ١/ ٦٢٠، والألباني في السلسة الصحيحة ٣/ ٤٨٦. (٢) صحيح مسلم (١١٩٨) ٢/ ٨٥٦، كما أخرج الحديث البخاري في صحيحه (٣١٣٦) ٣/ ١٢٠٤. (٣) وذلك في رواية مهنا الشامي عن الإمام. ينظر: التعليقة الكبيرة الجزء الرابع ٢/ ٤٠٨. (٤) مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص ٢٠٥، ومسائل الإمام أحمد برواية الكوسج ١/ ٥٨٣. (٥) سبق تخريجه قريبًا. (٦) سبق تخريجه في المسألة [١١١/ ٧]. (٧) ما قرره المصنف في الرواية الثانية عن الإمام من أن قتل القمل محرم هو الصحيح من المذهب. ينظر: الكافي ٢/ ٣٦٨، والفتاوى الكبرى ٤/ ٤٦٦، والفروع ٥/ ٤٠٧، والإنصاف ٨/ ٣١١، وكشاف القناع ٦/ ١٥٧.