والثانية: يلزمه بذله؛ لما روي عن عبد الله بن عمر ﵁ أن قَيِّم أرضِه بالوَهط (١)، كَتَبَ إليه يخبره أنه قد سقى أرضه وفَضَلَ له من الماء فَضْلٌ يُطلَب بثلاثين ألفًا، فكتب إليه عبد الله بن عمر ﵁:«أقم قِلدك، ثم اسق الأدنى فالأدنى، فإني سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن بيع فضل الماء»(٢)، قال أبو عبيد:«القِلدُ: يوم الشرب»(٣).
وروى أبو عبيد عن إياس بن عبد قال:«نهى رسول الله ﷺ أن يمنع فضل الماء»(٤) رواه الترمذي، وقال:«حديث حسن صحيح»، وهو عامٌّ يقتضي التحريم عن منع فضل الماء، سواءٌ كان لسقْيِ زَرعٍ، أو ماشيةٍ، أو إنسانٍ، وفي رواية:«نهى عن بيع الماء»(٥)، ولأن في منعه فَضْلَ الماء إهلاكه فحرم كمنعه المواشي. (٦)
(الخامس: أن يكون مقدورًا على تسليمه، فلا يجوز بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء، والعبد الآبق، والجمل الشّارد، والفرس العائر، والمغصوب في يد غير الغاصب (٧)؛ لما روى أبو هريرة ﵁:«أن النبي ﷺ نهى عن بيع الغرر» رواه مسلم (٨)، وبيع ذلك بيع غررٌ،
(١) الوهط: وادٍ في منطقة الطائف، وهو على اسمه إلى اليوم. ينظر: معجم البلدان ٤/ ٩. (٢) سبق تخريجه قريبًا. (٣) الأموال ص ٣٨٠. (٤) سبق تخريجه قريبًا. (٥) سبق تخريجه قريبًا. (٦) ما قرره المصنف في الرواية الثانية من لزوم بذل فضل الماء هو المذهب. ينظر: المغني ٤/ ١٨٢، والفروع ٧/ ٢٩٨، والإنصاف ١٦/ ١٠١، وكشاف القناع ٩/ ٤٤٥. (٧) ليس في المطبوع من المقنع ص ١٥٣ ذكر الفرس العائر، وقد سودت عليها لمقتضى السياق، ومسألة المغصوب وردت على هذا النحو: (ولا المغصوب إلا من غاصبه، أو من يقدر على تسليمه). (٨) صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ﵁ (١٥١٣) ٣/ ١١٥٣.