قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخَر. قال: تصدق به على زوجك. قال: عندي آخَر. قال: تصدق به على خادمك. قال: عندي آخَر قال: أنت أبصر» رواه أبو داود (١).
(وإن تصدَّق بما يَنْقُصُ مؤنةَ من تلزمه مؤنته أثم)؛ لأن نفقة من تلزمه مؤنته واجبة، وقد قال ﵇:«كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت»(٢).
فإن وافقه عياله على الإيثار فهو أفضل؛ لقول الله سبحانه: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: ٩]، وقال ﵇:«أفضل الصدقة جهدٌ من مُقِلٍّ إلى فقيرٍ في السِّر» رواه أبو داود (٣).
[٨٦٤/ ٢٧] مسألة: (ومن أراد الصدقة بكلِّ ماله وهو يعلم من نفسه حسن التَّوكل وقوة اليقين والصَّبر عن المسألة) أو كان له مكتسبٌ يقوم به (فله ذلك)؛ لأنَّ أبا بكر ﵁ تصدَّق بكلِّ ماله حتى تخلل بالعباء (٤).
(وإن لم يثق من نفسه بهذا كره له (٥)؛ لما روي أن النبي ﷺ قال:
(١) سنن أبي داود (١٦٩١) ٢/ ١٣٢، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (٧٤١٣) ٢/ ٢٥١، والنسائي في سننه (٢٥٣٥) ٥/ ٦٢، وصححه ابن حبان في صحيحه ١٠/ ٤٧، والحاكم في مستدركه ١/ ٥٧٥. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٩٩٦) ٢/ ٦٩٢. (٣) سنن أبي داود بمعناه من حديث أبي هريرة ﵁ (١٦٧٧) ٢/ ١٢٩، كما أخرجه أحمد في مسنده (٨٦٨٧) ٢/ ٣٥٨، وصححه ابن خزيمة في صحيحه ٤/ ٩٩، وابن حبان في صحيحه ٨/ ١٣٤، والحاكم في مستدركه ١/ ٥٧٤. (٤) قصة خروج أبي بكر ﵁ من ماله أخرجها أبو داود في سننه (١٦٧٨) ٢/ ١٢٩، والترمذي في جامعه (٣٦٧٥) ٥/ ٦١٤، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححها الحاكم في مستدركه ١/ ٥٧٤. وأما قوله: (حتى تخلل بالعباء) فقال ملا علي القاري في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص ١٢٠: «وأما قولهم أنفق أبو بكر ﵁ ما معه حتى تخلل بالعباء فليس في المرفوع، لكن معناه صحيح»، ويظهر لي أن معناها: كناية عن عدم ملكه سوى عباءته، ولم أجد من بين معناها والله أعلم. (٥) في المطبوع من المقنع ص ١٠٠ قوله: (لم يجز له).