وسجد أصحابه معه، لا نعلم فيه خلافًا (١)، وقد روى مسلم عن ابن عمر ﵁ قال:«كان رسول ﷺ يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه، حتى لا يجد أحدنا مكانًا لموضع جبهته»(٢).
فأما السامع غير القاصد للسماع فلا يستحب له؛ لما روي عن عثمان ﵁ أنه مرَّ بقاصٍّ فقرأ القاصُّ سجدةً ليسجد عثمان معه، فلم يسجد، وقال:«إنما السجدة على من استمع»(٣)، وقال ابن مسعود وعمران ﵄:«ما جلسنا لها»(٤)، وقال سلمان ﵁:«ما غدونا لها»(٥)، ونحوه عن ابن عباس (٦).
ولا مخالف لهم في عصرهم إلا قول ابن عمر ﵁:«إنما السجدة على من سمعها»(٧).
(١) قول المصنف: (لا نعلم فيه خلافًا)، ينسحب على مسألة أن السجود مختص بالقارئ والمستمع، دون السامع، ويدل على ذلك سياق المسألة والله أعلم. ينظر: المغني ١/ ٣٦٢. (٢) صحيح مسلم (٥٧٥) ١/ ٤٠٥، كما أخرج الحديث البخاري في صحيحه بنحوه (١٠٢٦) ١/ ٣٦٥. (٣) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه ٣/ ٣٤٤، وابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ٣٧٦، وصححه ابن حجر في الفتح ٢/ ٥٥٨. (٤) أثر ابن مسعود أورده البخاري في صحيحه معلقًا ١/ ٣٦٥، ووصله عبدالرزاق في مصنفه ٣/ ٣٤٤، وفيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس، ولكن الأثر يتقوى بشواهده الآتية، وأثر عمران بن حصين ﵁ أورده البخاري في صحيحه معلقًا ١/ ٣٦٥ ووصله عبدالرزاق في مصنفه ٣/ ٣٤٥ وابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ٣٦٧، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح ٢/ ٥٥٨. (٥) أثر سلمان الفارسي ﵁ أخرجه عبدالرزاق في مصنفه ٣/ ٣٤٥، وابن أبي شيبة في مصنفه من ١/ ٣٦٧ وصحح اسناده ابن حجر في الفتح ٢/ ٥٥٨. (٦) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ٣٦٧ قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس، ورجال إسناده ثقات، وعنعنة ابن جريج تحمل على السماع من شيخه. ينظر: تهذيب التهذيب ٦/ ٣٥٨. (٧) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ٣٦٨، والراوي عن ابن عمر عطية بن سعد العوفي مدلس ضغيف الحديث.