(إلا أن يعينه بموضعٍ فيلزمه) ما لم يكن فيه معصيةٌ؛ لما روي أن رجلًا قال:«يا رسول الله إني نذرت أن أنحر ببوانة؟ قال: هل بها صنم؟ قال: لا. قال: أوف بنذرك» رواه أبو داود (١).
[١٢٢٩/ ٣٨] مسألة: (ويستحب أن يأكل من هديه) الذي ساقه تطوعًا؛ لأن الله سبحانه قال: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: ٣٦]، وأقلُّ أحوال الأمر الاستحباب، وقال جابرٌ ﵁:«أمر النبي ﷺ من كل بدنةٍ بِبَضعةٍ فجعلت في قدرٍ فأكل منها، وحسا من مرقها»(٢)، ولأنه دم نسكٍ فأشبه الأضحيَّة.
قال ابن عقيل:«حكمه في الأكل والتَّفريق حكمها»(٣)، وقال جابر ﵁:«كنا لا نأكل من بُدننا فوق ثلاثٍ، فرخَّص لنا النبي ﷺ فقال: كلوا وتزودوا، فأكلنا وتزودنا» رواه البخاري (٤).
والمستحب الاقتصار على اليسير في الأكل كفعل النبي ﷺ في بدنه.
وإن أَطعَمها كلها فحسنٌ، فإن النبي ﷺ نحر خمس بدناتٍ ثم قال:«من شاء اقتطع» رواه أبو داود (٥)، وظاهر هذا أنه لم يأكل منهن شيئًا. (٦)
(١) سنن أبي داود من حديث يزيد بن مقسم عن مولاته ميمونة بنت كردم ﵂ (٣٣١٣) ٣/ ٢٣٨، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (٢٧١١١) ٦/ ٣٦٦،، وابن ماجه في سننه (٢١٣٠) ١/ ٦٨٨، قال في البدر المنير ٩/ ٥١٩: «إسناده حسن». (٢) هو جزء من حديث جابر الطويل في الحج، وقد سبق تخريجه في المسألة [١٠٠٨/ ١]. (٣) لم أجده في المطبوع من كتب ابن عقيل. ينظر: توثيق قوله في الكافي ٢/ ٤٨٠. (٤) صحيح البخاري (١٦٣٢) ٢/ ٦١٤، كما أخرج الحديث مسلم في صحيحه (١٩٧٢) ٣/ ١٥٦٢. (٥) سنن أبي داود من حديث عبد الله بن قُرطٍ ﵁ (١٧٦٥) ٢/ ١٤٨، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (١٩٠٩٨) ٤/ ٣٥٠، وصححه ابن خزيمة في صحيحه ٤/ ٢٩٤، والحاكم في مستدركه ٤/ ٢٤٦، والبيهقي في سننه الكبرى ٧/ ٢٨٨. (٦) ما قرره المصنف بخصوص هدي التطوع هو المذهب بلا نزاع فيه، وأما الهدي الواجب بالتعيين كالنذر فظاهر كلام المصنف عدم شموله، لتقييده الحكم بما كان تطوعًا، والرواية الثانية: لا يجوز الأكل منه، وقال في الإنصاف ٩/ ٤١٦: «الصحيح من المذهب أنه لا يستحب الأكل منه». ينظر: الكافي ٢/ ٤٧٩، والفروع ٦/ ١٠٢، والإنصاف ٩/ ٤١٦، وكشاف القناع ٦/ ٤٢٣.