ثم إنَّ الشَّيخَ بُرْهان الدِّين المَذْكور بَلَغَهُ أنَّ المدرسةَ الباذرائية طُلِبَت لكون من شَرْطها أن لا يكون للمُدرِّس ولاية معَها، فتركَ الخَطابة وذكرَ أنَّ المدرسة أحبّ إليه وآثر عندَهُ وأسْهَل عليه، وذلكَ بعد أن باشرَ الخطابة خَمْسة أيام، ثم باشر نُواب الخَطِيب، ودَخلَ عيدُ الأضْحَى والأمرُ على حالِه.
وكاتَبَ نائبُ السَّلْطنة فيما وقعَ من الشَّيخ بُرْهان الدِّين من تَرْك الخَطابة والامتناع من المُباشرة، فعادَ الجواب بإلزامه بذلكَ، وأنّا لا نُقِيلُه بعد عِلْمنا بكمالِ أهليّته لهذا المَنْصب، فباشَرَ مرّة ثانية يوم الأربعاء سادس عَشَر ذي الحِجّة. واستمرَّ في تَدْريس الباذرائية.
فلمّا كانَ يوم الأربعاء ثاني عَشَر صَفَر من سنة ست وسبع مئة باشرَ التَّدْريس بها القاضي كمال الدِّين ابنُ الشِّيرازيِّ بتوقيع سُلْطانيّ، فتركَ الشَّيخُ بُرْهان الدِّين الخَطابة مرّةً ثانية ولزم بيتَهُ. فأرسلَ إليه نائبُ السَّلْطنة في ذلك، فصمَّم على التَّرْك. وذكرَ أنّه عاجزٌ عن الخَطابة، وأنّه لا يَرْجع إليها أبدًا، فلمّا تحقَّق نائبُ السَّلْطنة إعراضه عنها أعادَ إليه مدرستَهُ الباذرائية، وكُتِبَ توقيعُه بها في الرّابع والعِشْرين من صَفَر المَذْكور (١).
٢٩٧٣ - وفي يوم الأحد خامس عَشَر ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الحافظُ شيخُ المُحدِّثين شَرَفُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ المؤمن (٢) بنُ