قال أبو جعفرٍ ﵀: يقولُ تعالى ذكرُه: ألم يكُ هذا المنكرُ قدرةَ اللهِ ﷿ على إحيائِه مِن بعدِ مماتِه، وإيجادِه من بعدِ فنائه - ﴿نُطْفَةً﴾. يعني: ماءً قليلًا في صلبِ الرجلِ من مَنِيٍّ.
والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: ﴿ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثم كان دمًا مِن بعدِ ما كان نطفةً [من مَنِيٍّ. ﴿فَخَلَقَ فَسَوَّى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وخلَقه اللهُ إنسانًا من بعدِ ما كان نطفةً](٢)، ثم عَلَقةً، ثم سَوَّاه بشرًا سَوِيًّا ناطقًا سميعًا بصيرًا.
﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فجعَل مِن هذا الإنسان بعدَ ما سَوَّاه خَلْقًا سَوِيًّا - أولادًا له؛ ذكورًا وإناثًا.
﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أليس الذي فعَل ذلك، فخلَق هذا الإنسانَ مِن نطفةٍ، ثم من علقة، حتى صيَّره إنسانًا سَوِيًّا، له أولادٌ ذكورٌ وإناثٌ - بقادرٍ على أن يُحيِيَ الموتى مِن بعدِ مماتِهم، فيُوجِدَهم كما كانوا مِن قبلِ مماتِهم؟! يقولُ: معلومٌ أَنَّ الذي قَدَر على خَلْقِ الإنسانِ مِن نطفةٍ من منيٍّ يُمْنى، حتى صيَّره بشرًا سَوِيًّا - لا يُعْجِزُه إحياءُ مِيتٍ مِن
(١) هي قراءة الباقين غير حفص فقد قرأها بالياء. ينظر حجة القراءات ص ٧٣٧. (٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٣.