في الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأننا نعرف بالتجربة أن الذين يخالفون في هذا قد وقعوا فيما ذكرنا من الكذب؛ لأنهم يعملون بكل ما هب ودب من الحديث، وقد أشار إلى هذا بقوله:"كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع". رواه مسلم في مقدمة صحيحه (١).
وعليه أقول: كفى بالمرء ضلالا أن يعمل بكل ما سمع (٢).
[١٩ - الدكتور صبحي الصالح]
قال في كتابه "علوم الحديث ومصطلحه": لا نسلم برواية الضعيف في فضائل الأعمال، ولو توافرت له جميع الشروط التي لاحظها المتساهلون في هذا المجال، ثم ذكرت الشروط وقال: لا نسلم برواية الضعيف -رغم هذه الشروط- لأن لنا مندوحة عنه بما ثبت لدينا من الأحاديث الصحاح والحسان، وهي كثيرة جدا في الأحكام الشرعية والفضائل الخلقية، ولأننا -رغم توافر هذه الشروط- لا نؤنس من أنفسنا الاعتقاد بثبوت الضعيف، ولولا ذلك لما سميناه ضعيفا، وإنما يساورنا دائما الشك في أمره، ولا ينفع في الدين إلَّا اليقين (٣).
[الرأي الثالث]
إذا كان أصحاب الرأي الأول والثاني على طرفي نقيض في قبول الحديث الضعيف ورده، فإن الفريق الثالث -وهم جمهور العلماء-
(١) صحيح مسلم -المقدمة- ١/ ٧٢ - ٧٣ مع النووي. (٢) مقدمة صحيح الجامع الصغير ١/ ٥١، ومقدمة ضعيف الجامع الصغير ١/ ٥١. (٣) علوم الحديث ومصطلحه للدكتور صبحي الصالح ص ٢١١ - ٢١٢.