ثم أشار الإمام السمعاني إلى خِلاف المفسرين في المراد، بهذه الآيات، فقيل:" الآيات في الآفاق: هي الفتوح التي كانت بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ... ، قيل: ما أخبر من الأمم المتقدمة وما نزل بهم ... ، هو إمساك المطر ". (١)
وقد أولى الإمام السمعاني هذه الدلائل، عناية فائقة، فلا يكاد يَمرُّ على دلالة آفاقية في القرآن، إلا ويشير إليها، ويُبيِّن أمرها، ومن ذلك:
ـ قوله جل وعلا:" أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ "(الأعراف ١٨٥). يقول:" يعني: استدلوا بها على وحدانية الله تعالى "(٢)
ـ وقوله تعالى:" قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ "(يونس ١٠١). يقول:" معناه: قل انظروا ماذا في السموات والأرض من الدلائل، والعِبر، والحجج ". (٣)
وقد بيَّن الإمام السمعاني وجه دلالة هذه الآيات، على وحدانية الرب جل وعز، فقال:"والآية في السموات: سمكها، وسعتها، وارتفاعها من غير عمد ولا علاقة، وما ترى فيها من الشمس والقمر والنجوم. والآية في الأرض: مدُّها، وبسطها، وسعتها، وما يُرى فيها من الأشجار، والأنهار، والجبال، والبحار، والجواهر، والبنات.
والآية في الليل والنهار: نقصانهما، وزيادتهما، وأن يذهب ضوء النهار، فلا يُدرى أين ذهب، يذهب سواد الليل، فلا يُدرى أين ذهب.
والآية في الفلك: تسخيرها، وجريها على وجه الماء، وهي موفرة مثقلة، لا ترسب تحت الماء، بل تعلو على وجه الماء.
" وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا " أي: بعد يبسها وجدوبتها، فإن الأرض إذا أجدبت فقد ماتت، وإذا أخصبت فقد حييت. " وتصريف الرياح ": تصريفها: أن الرياح تارة تكون شمالاً، وتارة تكون جنوباً، وتارة تكون قبولاً، وتارة تكون دبوراً، وتارة تكون نكباء، والنكباء: هي التي لا تعرف لها جهة". (٤)
(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٦١ (٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣٧ (٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٠٧ (٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٦٢ - ١٦٣