للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} في سبب النزول عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: مُرَّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- بيهودي مُحَمَّمٍ (١) مجلود، فدعاهم فقال: (هكذا تجدون في كتابكم حد الزاني) (٢) قالوا: نعم، قال (٣): فدعا رجلاً من علمائهم هو عبد الله بن صوريا، فقال: (أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى: هكذا تجدون حد الزنا في كتابكم) (٤) قال: لا، ولولا أنك نشدتني الله لم أخبرك به (٥)، نجد حد الزنا في كتابنا الرجم (٦)، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركنا، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه)، فأمر به فرجم، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ} (٧) أي: يكثرون أعمال الكفر (٨)، أي: لا يحزنك صنيعهم، والمعنى: لا تحزن عليهم.

{مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} يعني: المنافقين، {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} انتسبوا إلى اليهودية، يعني: اليهود (٩)، ومن: للتبيين، وسماعون: خبر مبتدأ محذوف، أي: هم سماعون، وقيل: من (١٠) الأول للتبيين، والثاني للتبعيض، وهو خبر المبتدأ، والمبتدأ: سماعون، ومعنى

{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}: يجالسونك ليسمعوا كلامك ويردوه مكذوباً فيه على الأحبار، ومعنى اللام: من أجل، {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} أي: هم عيونٌ للغُيَّب (١١)، وقيل: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}: يقبلون (١٢) الكذب من أحبارهم في أمور دينهم، وهم علماء خيبر، لم يأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحرفوا معاني التوراة، وقالوا ليهود يثرب: اقبلوا ما وافق هذا مما يدعوكم إليه محمد، وما خالفه فاتركوه، واللام زيادة.


(١) قال في «لسان العرب» (حمم): (حَمَّمَ الرجُلَ: سَخَّمَ وجهه بالحُمَم، وهو الفَحْمُ). وقد سقطت هذه الكلمة من نسخة (ب).
(٢) في (ب): (حد الزنا في كتابكم)، وفي (جـ): (حد الزاني في كتابكم).
(٣) سقطت (قال) من (ب).
(٤) في (جـ): (حدّ الزاني).
(٥) سقطت (به) من (ب).
(٦) في (جـ): (حدّ الزاني).
(٧) أخرجه مسلم (١٧٧٠)، وأبو داود (٤٤٤٧)، وابن ماجه (٢٥٥٨) وغيرهم، وليس عندهم ذكرٌ لاسم العالم اليهودي، وإنما ورد ذكره في بعض الروايات الأخرى، كاللتي عند الطبري ٨/ ٤١٥، والثعلبي في تفسيره ٤/ ٦٤.
(٨) في (أ): (على أعمال الكفر).
(٩) سقط (يعني: اليهود) من (أ).
(١٠) في (ب): (وقيل: الأول للتبيين).
(١١) قال في «لسان العرب» (غيب): (وقومٌ غُيَّبٌ .... : غائبون).
(١٢) في (ب): (أي: يسمعون الكذب).

<<  <   >  >>