والمراد باليد ههنا: اليمين، بدليل قراءة ابن مسعود رضى الله عنه:(والسارقون والسارقات تقطع أيمانهم)(١)، وبدليل الجمع؛ لأن أعضاء الوتر إذا نسبت إلى اثنين جمعت في موضع التثنية، كقوله:{صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤] لأن الأصل في التثنية الجمع حيث لا يلتبس، وأفرد لها صيغة حيث التبست (٢).
وارتفع السارق والسارقة بالابتداء، والخبر محذوف، أي: في القرآن السارق والسارقة، أي: حكمهما، ثم عطف جملة على جملة فقال:{فَاقْطَعُوا} وكذلك:
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} خطابٌ للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد به غيره، {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} قدم هنا العذاب على المغفرة بخلاف سائر الآيات: لأن العذاب هنا: القطع، وهو في الدنيا، {وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} في القيامة، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠)}.
(١) تناقلت كتب الحديث والتفسير قراءة ابن مسعود هذه، فمثلاً: هي عند سعيد بن منصور في قسم التفسير من السنن (رقم ٧٣٧) وابن جرير ٨/ ٤٠٧ بلفظ: (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما). وقال ابن كثير ٥/ ٢٠٨: (وهذه قراءة شاذة، وإن كان الحكم عند جميع العلماء موافقاً لها، لا بها، بل هو مستفادٌ من دليل آخر). (٢) وينظر في ذلك أيضاً: «الفريد في إعراب القرآن المجيد» للمنتجب الهمداني ٢/ ٣٧. (٣) في (جـ): (السرقة)، وهذه النسخة موافقة لما في كتاب المؤلف «غرائب التفسير» ١/ ٣٣١. (٤) في (ب): (ظهور ظهر الزنا)، وفي (جـ): (ظهور أكثر الزنا)، وما أثبته هو الموافق لما في كتاب المؤلف «غرائب التفسير» ١/ ٣٣١. (٥) يحتمل رسمها في المخطوطات الثلاث: الفرض. ولعل مراد المؤلف أنهما منصوبان على المصدر بفعلٍ مقدر، أي: جازوهما جزاءً، أو يكون دلَّ عليه (فاقطعوا). ينظر في ذلك: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ١٧٤، و «الدر المصون» ٤/ ٢٦٤.