عن جبير بن مطعم ﵁ قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله، فقال النبي ﷺ:"سبحان الله! سبحان الله! " فما زال يسبح، حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال:"ويحك! أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد"(١)، وذكر الحديث. رواه أبو داود.
الشرح:
مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
لما كان الشافع بمنزلة الطالب من المشفوع إليه، كان الاستشفاعُ بالله على أحد من خلقه تنقصاً لجناب الربوبية،، وعكسًا للقضية. فالله تعالى له المثل الأعلى لا يستشفع به على أحد.
قوله:"عن جبير بن مطعم ﵁" هو: جبير بن مطعم بن عدي من بني عبد مناف، وكان ذا وجاهة في قريش، مات سنة سبع وخمسين. ﵁.
قوله:"قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ " الأعرابي واحد الأعراب، وهم الذين يسكنون البوادي. أما العربي: فواحد العرب. ومن شأن الأعراب أن يكثر فيهم الجهل والجفاء؛ قال الله ﷿: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ [التوبة: ٩٧] وذلك لأنهم لم ينالوا حظاً من العلم والتهذيب، مثل ما يناله المستوطنون في المدن. فمن استوطن المدن زال عنه وصف الأعرابية، وحصل له من التعلم ما
(١) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في الجهمية برقم (٤٧٢٦) وضعفه الألباني.