عن جابر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة"(١)، رواه أبو داود.
الشرح:
مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
لما فيه تعظيم وجه الله ﷿ بحيث لا يُسأل به إلا أعظم المطالب الأخروية الباقية؛ الجنة، ولا يبتذل السؤال به في المطالب الدنيوية الفانية.
ولله سبحانه وجه كريم يليق بجماله، وجلاله، وكماله، وهو من الصفات الخبرية التي لا سبيل إلى إثباتها إلا الكتاب والسنة، فالدليل من كتاب الله قول الله ﷿: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧] وقوله: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وقوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل: ٢٠] فأضاف الله الوجه إلى ذاته، فدل على أنه صفته. وأما الأدلة من السنة فكثيرة، منها: حديث الباب، وقوله ﷺ:"حجابه النور -وفي رواية: النار- لو كشفه، لأحرقت سبحات وجهه، ما انتهى إليه بصره من خلقه"(٢). فنعتقد أن لله وجهاً حقيقياً لا يماثل وجوه المخلوقين، موصوفاً بالجلال والإكرام، لا يجوز أن يسأل به إلا أعلى المطالب، وأعلى المطالب بعد رؤية الباري - جل وعلا - الجنة.
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى برقم (١٦٧١) وضعفه الألباني. (٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله ﵇: إن الله لا ينام، وفي قوله: حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه برقم (١٧٩).