عن أنس أنّ رسول الله ﷺ قال:"لا يُؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين"(١)، أخرجاه.
الشرح:
هذا باب شريف؛ لتعلقه بعبادة هي أصل الدين، وهي: محبة الرب ﷾، فإن أصل التعبد والتأله لله: هو انجذاب القلب له، فإن معنى قولنا: لا إله إلا الله، أي: لا مألوه إلا الله، والمألوه هو الذي تألهه، أي تنجذب إليه القلوب محبة وتعظيماً. فالمحبة هي أصل العبادات القلبية، ولكن المحبة التي تنبغي لله محبة مقرونة بخوف ورجاء، لا المحبة الصرفة التي يدعيها زنادقة الصوفية، حتى إنهم يحيلونها إلى نوع من العشق، يسمونه "العشق الإلهي"، ويغلون فيها، ويزعمون أنها تُنسيهم الخوف والرجاء. فتلك المحبة محبة بدعية، وليست المحبة التي أمر الله تعالى بها ورسوله. والمحبة من حيث هي نوعان:
الأول: محبة طبيعية: وهي عبارة عن ميل النفس لبعض المحبوبات؛ ولها صور متنوعة:
(١) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول ﷺ من الإيمان (١٥) ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله ﷺ أكثر من الأهل والولد والوالد برقم (٤٤).