في الصحيح: عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له"(١).
ولمسلم:"وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه"(٢).
الشرح:
مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
لما كان قول "اللهم اغفر لي إن شئت" يشعر بعدم الصدق في الطلب، منع منها النبي ﷺ. فإن الدعاء هو العبادة، فلابد أن يتصف الداعي بالرغبة والرهبة، كما قال الله ﷿:: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٥، ٥٦]، وقال عن أنبيائه الكرام: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠]، وقال عن صالحي المؤمنين: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [السجدة: ١٦]. فلا يليق بالداعي أن يعلق دعاءه بالمشيئة، لأن ذلك يدل على عدم رغبة، وافتقار إلى الله ﷾، ومنافاة لكمال التوحيد.
قوله:"في الصحيح" مراده في الصحيحين؛ البخاري، ومسلم.
(١) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له برقم (٦٣٣٩) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب العزم بالدعاء ولا يقل إن شئت برقم (٢٦٧٩). (٢) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب العزم بالدعاء ولا يقل إن شئت برقم (٢٦٧٩).