٦ - أن التزكية تكون من الله؛ ولهذا كان من دعاء النبي ﷺ:"اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها"(١)، فلا تزكو النفوس إلا بتزكية الله ﷿-ومن الناس من يجتهد في الرياضات، والمجاهدات، دون أن يستحضر هذا المعنى، فلا يصل إلى مبتغاة، فقد يحمل نفسه على الأمور الشديدة، ويدع الملاذ والشهوات، يريد بذلك أن يتسامى بنفسه؛ لكنه لا يبلغ مراده، حتى يستعين بمعبوده، ويسأله أن يزكي نفسه، فييسر الله له أسباب الهدى، وطهارة النفس، بجهد أقل.
قوله:"وفي الصحيح" المراد ها هنا: الصحيحان.
قوله:"عن عمران بن حصين" صاحب رسول الله ﷺ، وقد تقدمت ترجمته.
قوله:"قال: قال رسول الله ﷺ: "خير أمتي قرني" " القرن المراد به: الطبقة المقارنين من الناس، فمن قارنك وعاصرك فهم قرنك، وأصحاب النبي ﷺ هم قرنه. والمراد بالأمة هنا: أمة الإجابة، لوصفهم بالخيرية، فهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، بأن استجابوا له ﷺ ودخلوا في عقد الإسلام. وأما أمة الدعوة: فتشمل كل من وجد بعد بعثة النبي ﷺ إلى قيام الساعة، لأن الدعوة موجهة إليهم، وعليه قول النبي ﷺ فيما رواه أبو هريرة في صحيح مسلم:"والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار"(٢). وقرن النبي ﷺ الصحابة الكرام، والصحابي: هو من لقي النبي ﷺ مؤمناً به في حياته، ومات على ذلك.
(١) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل برقم (٢٧٢٢). (٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته برقم (١٥٣).