تعالى تكليم تكريمٍ، وإلا فقد يكلمهم تكليم تأنيب، كما يقول لأهل النار: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] وهذا على سبيل التبكيت.
قوله:"ولا يزكيهم" أي: لا يطهرهم ولا يوفقهم إلى التوبة بسبب هذه الأعمال التي اقترفوها. قوله:"ولهم عذاب أليم" أي: شديد الألم، موجع؛ وذلك في الآخرة.
قوله:"أشيمطٌ زانٍ" تصغير أشمط، وصغره للتحقير، والمقصود به من كان به شيب، فهو كناية عن تقدمه في السن؛ وذلك أنه جمع بين وصفين، اجتماعهما سبة له: أن أنه بلغ من الكبر أن شاب شعره، ومع ذلك يقارف الزنا، فالذنب في حقه مضاعف؛ لأنه وقع مع ضعف الداعي، فهو أعظم جرماً مما لو وقع ذلك من شاب شديد الشهوة
قوله:"وعائل مستكبر" وهذا اجتمع فيه وصفان لا يجتمعان في العادة، الفقر، والكبر، والكبر مذموم مطلقاً، لكن لو وقع من غني لقيل: غره ماله، وما بين يديه من الخدم والحشم، وتعلق الناس به، لكن كيف يتكبر عائل صعلوك؟
قوله:"ورجل جعل الله بضاعته" أي: جعل اسم الله وسيلة لتسويق بضاعته، ومركبًا لنيل لعاعة من الدنيا؛ لا يشتري ولا يبيع إلا بيمينه؛ إذا أراد أن يشتري، يقول: والله! قد وجدته بأقل، وإذا أراد إن يبيع قال: والله! قد عُرض عليّ أكثر. أو نحو هذه العبارات. ويعتبر هذا نوعاً من المهارة، والحذق، في ترويج السلع، كما يقع لكثير من الباعة، ويغفلون، في حمى الطمع، والجشع عن العواقب، فاستحق هؤلاء المتبجحون الثلاثة هذا الوعيد الشديد:"لا يكلمهم الله، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم".
مناسبة الحديث للباب:
ظاهرة، لما تضمنه من الوعيد الشديد على من استهان بالأيمان، واتخذها سلماً لعرض دنيوي.