للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية: "فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه" (١)، أي: أن له أن يقدم الكفارة، ثم يأت الذي هو خير، وله أن يأت الذي هو خير، ويكفر بعد ذلك.

ثالثاً: أن يكفر عن يمينه إذا وقع منه الحنث، ويتبرر منه بالكفارة. والكفارة: ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: ٨٩].

واليمين التي تجب فيها الكفارة هي ما توفر فيه ثلاثة شروط:

الأول: أن تكون باسم من أسماء الله، أو بصفة من صفاته، بأن يقول: والله، وبالله، وتالله، أو: وعزة الله، وقدرة الله، ونحوه.

الثاني: أن تكون منعقدة، أي: يعقد قلبه عليها، فلو خرجت مخرج اللغو فلا يجب بها كفارة، كما يجري على ألسنة الناس قول: والله، وهو لا يريد اليمين، كما يقول الرجل لصاحبه: والله أن تدخل اولًا، وهو لا يريد اليمين، وإنما يريد التكريم.

الثالث: أن تكون على أمر مستقبل، كأن يقول الحالف: والله لا ألبس هذا الثوب، أو: لا آكل هذا الطعام، أو: لا أدخل هذا البيت، أو: لا أكلم فلانًا، فهذه كلها أمور مستقبلة. أما إذا حلف على أمر ماضٍ فلا تتعلق به كفارة؛ لأنه إما أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فلا شيء عليه، وإن كان كاذباً فهي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار. وقيل: إن اليمين المغموس هو ما اقتطع بها مال امرئ مسلم، كأن يترافع اثنان عند حاكم شرعي، فتطلب البينة من المدعي، فلا يكون عنده بينة، فيتوجه اليمين إلى المدعى عليه، فيبذل اليمين وهو كاذب؛ ليستبقي ما في يده، أو لينال ما لا حق له فيه.

وكثير من الناس يتساهل في الأيمان، فيحلف على أمر مضى أنه قد وقع، وهو لم يقع، ويشتد الأمر لو وثقه بأن حلف على المصحف؛ يقال له: احلف


(١) أخرجه مسلم في كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها برقم (١٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>