الثالثة: أن يكون بآلة التصوير التي تُسمى (الكاميرا): فهذه لم تكن في زمن النبي ﷺ، ولا عند السلف المتقدمين، وإنما وجدت في العصور الأخيرة. وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكمها، وهل يُعد التقاطها تصويراً، يدخل في عمومات النصوص أم لا؟
- فذهب جمع من العلماء إلى أن ذلك من التصوير المحرم، وفاعله يسمى مصورًا، وبالتالي فإنه مشمول بالأحاديث الواردة في تحريم التصوير، ووعيد المصورين (١).
- وذهب بعض العلماء المعاصرين (٢): إلى أن ذلك وإن سُمي تصويراً اصطلاحاً، لكنه ليس تصويراً في الحقيقة؛ لأن الذي يلتقط الصورة عن طريق الآلة ليس له دور في تشكيلها وتصويرها، بل الصورة الملتقطة هي الصورة التي خلقها الله، كما لو وقف الإنسان أمام مرآة، فبدت صورته عليها، فالصورة المنعكسة في المرآة ليس لأحد دخل في تصويرها؛ لأنها الصورة التي خلقها الله انعكست على المرآة؛ وكذا لو وقف الإنسان على حافة بركة ساكنة لانعكست صورته على الماء، فهذه الصورة هي الصورة التي خلقها الله، قالوا: كذلك هذه الآلة، إنما تحبس الصورة التي خلقها الله ﷿؛ ولهذا لو ضغط زر الآلة كبيرٌ أو صغير، ذكرٌ أو أنثى، مبصرٌ أو أعمى، لخرجت ذات الصورة، فهذا العمل ليس تصويراً؛ لأن هذا الصورة هي التي خلقها الله ﷿ تماماً، كما لو كتبت نصًا، ثم وضعته على آلة التصوير، وسحبت منه صورة، فيقال عن هذا الخط: هذا خط فلان الكاتب، الذي كتب الأصل، كذلك يقال: هذه الصورة التي نتجت من التقاط الآلة هي الصورة التي خلقها الله، ولا شأن لهذا الإنسان بها. فأصحاب هذا القول سهلوا الأمر، وقالوا: إن التصوير "الفوتوغرافي" لا يدخل في مضاهاة خلق الله ﷿.
لكن يبقى أن الناتج في الحالين، يُسمى "صورة"، فيتطرق المنع، لا من
(١) من العلماء المعاصرين الذين ذهبوا إلى تحريم التصوير الفوتوغرافي: الشيخ ابن باز ﵀، والشيخ صالح الفوزان وغيرهم، يرون تحريمه إلا لضرورة أو حاجة. (٢) من العلماء المعاصرين الذين ذهبوا إلى جواز التصوير الفوتوغرافي: الشيخ محمد الصالح العثيمين ﵀.