اسْمُهُ﴾، لأن المساجد هي محل ذكر الله. وفي باب الشرك لا أظلم ممن ذهب يخلق كخلق الله؛ لأن المصور يضاهي، ويحاكي خلق الله، وهكذا. يجري التفضيل باعتبار ما أضيف إليه.
قوله:"فليخلقوا ذرة" الأمر ليس على حقيقته، وإنما خرج مخرج التهديد، والتعجيز، والتحدي، كقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [فصلت: ٤٠]. والذرة: هي النملة الصغيرة، مثَّل بأصغر المخلوقات التي يبصرونها، وهذا تحدٍ بالغ، فلم يأمرهم أن يخلقوا جملاً، أو فيلاً، أو نحو ذلك، ولن يستطيعوا.
قوله:"أو ليخلقوا حبة" واحدة الحب، وهو ما يخرج من النبات والزروع.
قوله:"أو ليخلقوا شعيرة" الشعير نوع آخر من الحبوب، فالحب غالباً ما يطلق على الحنطة، مثَّل بهما لضآلتهما، مبالغةً في التحدي والتعجيز.
مسألة: حكم التصوير:
التصوير، من حيث الجملة، نوعان:
النوع الأول: تصوير ما له روح. ويُعبر عنها العلماء أحياناً: بما له ظل، وله ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون له جُرم: وذلك ما يحصل بالنحت والتشكيل، كأن ينحت بمطرقة وأزميل حجرًا، أو خشبًا، أو يأتي بطين أو صلصال، ويجعله على صورةٍ من صور ذوات الأرواح. فهذا محرم بالإجماع (١).
الثانية: أن يكون بالتخطيط والتلوين: بأن يأخذ قلماً أو ريشة فيرسم صورةً من صور ذوات الأرواح؛ من آدمي، أو طير، أو حيوان، أو ينصب أمامه إنساناً، فيرسمه على لوحة أو ورقة، فهذا أيضاً محرم؛ لأن المضاهاة فيه ظاهرة، والدليل عليه حديث النمرقة، في حديث عائشة ﵂ لأن الرسم على النمرقة يكون سطحيًا، ليس له ظل، فأمر النبي ﷺ فقطعت، فجعلت وسادتين (٢).
(١) ينظر: فتح الباري (١٠/ ٣٨٨) وإكمال المعلم (٦/ ٦٣٥). (٢) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما وطئ من التصاوير برقم (٥٩٥٤) ومسلم في اللباس والزينة باب تحريم تصوير الحيوان … وأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة برقم (٢١٠٧).