للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحافل. وإنما يقع هذا لبعض المهزومين، المبهورين أمام المتحذلقين من العلمانيين، أو الملاحدة، أو المتفلسفين، فيسلك مسلك الاعتذار عن شريعة الله، أو عن مسائل الإيمان، وهذا ضعف في العلم والشخصية، ورخاوة في الدين، إن لم تكن أكثر من ذلك، والعياذ بالله. فالواجب أن نعتز بديننا، ونعلم أنه إن خفي هذا الأمر على فلان، أو علان، فقد علمه الراسخون، فينبغي سؤال أهل العلم عما أشكل. وهذا لا يختص بالأمور العملية، أو الاعتقادية، بل في كل شيء؛ ولهذا قال النبي في حديث صاحب الشجة، الذي استفتى أصحابه لما أصابته شجة، وأصابته جنابة وقالوا: لا بد لك من غسل، فاغتسل، فمات: "قتلوه قتلهم الله، هلا سألوا، إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال" (١).

٥ - سؤال أكثر من عالم؛ فابن الديلمي قد سأل أبي بن كعب، وحذيفة، وابن مسعود، وزيد أجمعين-. وهذه المسألة لها حالات:

الأولى: إذا كان مراد الإنسان بالسؤال زيادة التثبت واليقين فلا بأس، فهذا حسن، كما هاهنا.

الثانية: أن يكون سؤال الإنسان ناتجاً من عدم طمأنينة لإجابة العالم الأول، فلا حرج عليه أيضاً أن يسأل غيره، ليذهب الشك.

الثالثة: أن يسأل يريد بذلك تتبع الرخص، والبحث عما هو أسهل وأخف، كما يفعل بعض الناس؛ يتصلون بعديد من طلاب العلم ليسألوهم عن مسألة واحدة، ثم يقارنون الإجابات، ويأخذون أسهلها، وأخفها، بصرف النظر عن الدليل، أو التعليل، فهذا لا يجوز. فيجب أن يكون مراد الإنسان إصابة الحق؛ ولهذا قال العلماء: من تتبع الرخص تزندق؛ لأنه إذا صار يأخذ الرخصة في كلام كل عالم سيخرج بتوليفة من الرخص التي تخرجه عن سمت الشريعة، فإن الذي


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم برقم (٣٣٧) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في المجروح تصيبه الجنابة، فيخاف على نفسه إن اغتسل برقم (٥٧٢) وأحمد ط الرسالة برقم (٣٠٥٦) والحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (٦٣٠) وحسنه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>