كاملة لله تعالى، لا يكون لمخلوق عليك منة. فإذا كافأت المحسن أسقطت المنة، وبقيت فقط، ممتناً لله رب العالمين. ولهذا قيل في الأمثال:"احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره"(١). فإذا استجدى الإنسان من غيره أصبح أسير فضله، وإذا استغنى عنه، كان وإياه على حد سواء، وإذا أحسن إلى غيره قلده منة.
فينبغي مقابلة الإحسان بالإحسان؛ لكي تخلص المنة لله تعالى، وكان النبي ﷺ قد بايع نفراً من أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئاً، قال الراوي:"فلقد رأيتُ بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم، فما يسأل أحداً يناوله إياه"(٢)، لكمال وفائهم بالبيعة، وكمال توحيدهم.
٥ - أن الدعاء نوع من المكافأة لمن لم يقدر عليها.
ثم قال المصنف ﵀:
وفيه مسائل:
الأولى: إعاذة من استعاذ بالله.
للأمر الصريح بذلك، تعظيمًا لجناب الله.
الثانية: إعطاء من سأل بالله.
تعظيماً وإجلالاً للمسؤول به، وهو الله تعالى، والأمر للوجوب، ما لم يتضمن السؤال إثماً، أو ضرراً على المسئول؛ ففي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار"(٣). وفي إعطاء السائل بالله فائدتان: الأولى: قضاء حاجة السائل. الثانية: تعظيم المسؤول، وهو الله ﷿.
(١) مجموع الفتاوى (١/ ٣٩). (٢) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس برقم (١٠٤٣). (٣) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره برقم (٢٣٤١) وقال الألباني: "صحيح لغيره".