فإن من استعاذ لباطل ارتكبه، كفارٍّ بخربة، أو عليه حد، أو دم، لم يُعذ ولم يؤوى، لما سبق من قول النبي ﷺ:"لعن الله من آوى محدثاً"(١).
قوله:"ومن سأل بالله فأعطوه" هذا محل الشاهد من هذا الحديث للباب، وذلك بأن يقول: أسألك بالله كذا وكذا، فيعطى ما سأل؛ لما في ذلك من تعظيم المسئول به، وهو الله تعالى. هذا مقيد بقدرة الإنسان، وعدم الإجحاف به، فلو سألك سائل مثلاً مالك، أو أن تعطيه سيارتك التي تركب فلا يلزمك، وليس من عدم تعظيم الله أن ترده، وإنما المراد ما تقدر عليه، ويكون من فضل مالك، ولك فيه سعة، أما إذا لحقك أو لحق من تعول ضرر، فهذا لا يجب عليك العطاء.
قوله:"ومن دعاكم فأجيبوه" هذه الجملة لا تتعلق بمسائل التوحيد، وإنما تتعلق بباب الأدب، وهو إجابة الدعوة. وقد حملها جمهور العلماء على إجابة وليمة العرس خاصة؛ لأن إجابة وليمة العرس واجبة؛ ولهذا جاء في الحديث:"شر الطعام طعام الوليمة، يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله"(٢).
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا تختص بوليمة العرس، بل في كل دعوة؛ إذ أن من حق المسلم على المسلم إذا دعاه أن يجيبه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ:«إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ»(٣) ومع ذلك، فلا يجب على الإنسان أن يجيب دعوة وليمة العرس، ولا غيرها، إلا بشروط، منها:
(١) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (١٩٧٨). (٢) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة برقم (١٤٣٢). (٣) (أخرجه مسلم في باب من حق المسلم للمسلم برقم (٢١٦٢)