قوله:"وعن ابن عباس في الآية، قال: لما تغشاها آدم، حملت" يشير إلى أول الآية: ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ﴾ يُفهم من كلام ابن عباس أن المعني بالآيتين آدم وزوجه، أي: لما تغشى آدمُ حواء، كناية عن الجماع، حملت من جرائه.
قوله:"فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة" هذه مقدمة إرهابية، كأنما يقول: أنا الذي بلغ بي الكيد أن أخرجتكما من الجنة، فكيدي متين وشديد، فاسمعا وأطيعا.
قوله:"لتطيعانني، أو لأجعلن له" أي: لهذا الحمل.
قوله:"قرني أيِّل فيخرج من بطنك" الأيِّل: الذكر من الوعول، والوعل: حيوان يشبه الغزال يعيش في الجبال. وقد انتقل من خطابهما معًا، إلى خطاب حواء.
قوله:"فيشقه ولأفعلن ولأفعلن، يخوفهما" أي يشق بطنك بقرنيه!
قوله:"سمياه عبد الحارث" هذا مطلبه. والحارث اسم للشيطان، فأراد أن يُعبّد له، لا لله.
قوله:"فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتاً، ثم حملت، فأتاهما فقال مثل قوله: فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتاً، ثم حملت فأتاهما، فذكر لهما" أي: ما ذكر في المرتين الماضيتين من التخويف.
قوله:"فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ رواه ابن أبي حاتم" هذا الأثر بهذا السياق، من رواية ابن أبي حاتم ضعيف لا تقوم به حجة. وممن أخرجه أيضاً سعيد بن منصور، وابن جرير، وقال العماد ابن كثير ﵀:"وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من أصحابه، كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومن الطبقة الثانية: قتادة، والسدي، وغير واحد من السلف، وجماعة من الخلف، ومن المفسرين، من المتأخرين، جماعات لا يحصون كثرة، وكأنه -والله أعلم- أصله مأخوذ من أهل الكتاب"(١). فيرى ابن كثير ﵀ أن هذا الأثر وإن صحت نسبته إلى ابن عباس، فقد يكون مما أخذه عن أهل الكتاب.