كان يقصد العبودية المطلقة فهو -لا شك- شرك أكبر، وإن كان مجرد اسم أعجبه، فهو محرم.
قوله ﵀:"قال ابن حزم" هو أبو محمد، علي بن أحمد بن حزم، عالم أندلسي، قرطبي، من أوعية العلم، وفحول العلماء، يوصف بأنه منجنيق العلماء؛ وذلك لقوة عارضته، وشدة عبارته على مخالفه. وهو على مذهب شيخه داود بن علي، مؤسس مذهب الظاهرية. وله مصنفات نافعة، منها:"المحلى" و "الفِصَل في الملل والأهواء والنحل"، و "مراتب الإجماع". وقد كان ابن القيم ﵀ يعظم من شأن أبي محمد، وينقل عنه كثيراً؛ لأنه صاحب سنة ودليل، وكان شديداً على أصحاب الرأي، الذين يتوسعون في الآراء، إلا أنه بالغ بالأخذ بالظاهر حتى أبطل القياس. مات سنة ست وخمسين وأربعمائة، ﵀.
قوله:"اتفقوا على تحريم كل اسم معبّد لغير الله، كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك"(١)، ومثلها: عبد شمس، وعبد الدار، وعبد ود. وهذه حكاية إجماع.
قوله:"حاشا عبد المطلب" لأن تعبيد عبد المطلب، جد النبي ﷺ للمطلب، إنما هو تعبيد خدمه، فقد كان أسود اللون، وكان يمشي مع المطلب، ويجاريه، وقد غاب عن قريش مدة، فلما عاد إلى مكة، ظنت قريش أنه غلام له، فجعلوا يقولون: عبد المطلب. وقد أقر النبي ﷺ هذا في قوله:"أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب"(٢)، فهذا وجه الاستثناء.
ويرى شيخنا ﵀: أنه لا يجوز حتى التسمي بعبد المطلب، وأن قول النبي ﷺ:"أنا ابن عبد المطلب" هذا خرج منه مخرج الإخبار، لا مخرج الإقرار (٣)، وأن القاعدة المطردة: أنه لا يُعبّد أحد لغير الله ﷿، فكل من قال: عبد، فيجب أن يكون المضاف إليه اسم من أسماء الله الحسنى.
(١) مراتب الإجماع لابن حزم (ص: ١١٧). (٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من صف أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته واستنصر برقم (٢٩٣٠) ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم (١٧٧٦). (٣) القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٢٩٦).