للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح:

مناسبة الباب لكتاب التوحيد:

أن تسمية الأولاد بأسماء معبّدة لغير الله ﷿ من الشرك به، وكفر النعمة.

قوله: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا﴾ المؤتِي هو الله ﷿، والمؤتَى هما الوالدان.

قوله: ﴿صَالِحًا﴾ أي: خلقاً سوياً، أو ولداً سوياً، والمراد بالصلاح هنا ليس صلاح الدين، وإنما صلاح الخلقة، أي: تام الخلقة، ليس خداجاً، والولد يطلق على الذكر والأنثى.

قوله: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ أي جعل والداه للمنعم المؤتي شركاء في الطاعة، أو في نسبة النعمة إلى غير الله ﷿. ولذلك صورٌ متعددة، منها:

الأولى: أن يعتقد الأبوان أن الذي منَّ عليهما بالحمل، والإنجاب غير الله: فهذا شرك أكبر.

الثانية: أن يضيفا سلامة المولود إلى سبب ظاهر: وهذا يقع كثيراً، فتجد بعض الناس يقول: لولا الطبيب فلان لاختنق الجنين، ونحو ذلك. فهذا شرك أصغر، كما تقدم.

الثالثة: أن يقدم محبة الولد على محبة الله: وهذا يقع لكثير من الوالدِين، فيحجم عن طاعة الله ﷿، وفعل مراضيه، خوفاً وضناً بأولادهما. وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ﴾ [التغابن: ١٤]. قال ابن جرير: "نزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه، ورقَّقوه، فقالوا: إلى من تَدعنا؟ فيرقّ، ويقيم، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ [التغابن: ١٤] " (١)، فهذا منافٍ للإيمان الواجب لأنه ترك لواجب.

الرابعة: أن يسميه باسم معبد لغير الله: كعبد مناف، وعبد شمس، وعبد النبي، ونحوها، فهذا يلتحق بالشرك، ويكون بحسب ما قام في قلبه، فإن


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (٢٣/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>