للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف، فيضعه على وجهه، ويبكي، ويقول: "كلام ربي، كتاب ربي" (١).

وإنا لنأسف أن نجد من بعض الناس من لا يعظم المصحف، فتجد من يمد رجليه أمام حامل المصاحف، حتى يكاد أن يمس بقدمه المصحف، وقد نص الفقهاء الحنابلة على منع هذا (٢). بل أني رأيتُ أحد التلاميذ خارج مدرسته، ينتظر ولي أمره، قد قعد فوق كتبه المتضمنة للآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، واتخذها وقاية لملابسه أن تمس الأرض! وإنما فعل هذا لأنه لم يُنشَّأ على تعظيم كلام الله، وكلام نبيه ، فيجب علينا أن نربي أبنائنا وبناتنا، على إجلال كلام الله، وكلام نبيه .

٤ - قبول توبة المستهزئ إذا تاب؛ لقوله تعالى: ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ﴾ [التوبة: ٦٦] فدل ذلك على أن باب العفو مفتوح، والله تعالى إذا عفا، أو لم يعفُ، فإن ذلك مقترن بحكمته؛ فيعفو عن التائب، ولا يعفو عن المصر. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٥، ١٣٦]

٥ - أن الكفر كفران: كفر اعتقادي، وكفر عملي، خلافاً للمرجئة، فإن المرجئة يقصرون الكفر على كفر الاعتقاد، ولا يثبتون كفراً عملياً. والصحيح: أنّ الكفر يكون بالقول، ويكون بالعمل، ويكون بالاعتقاد، كما أن الإيمان يتعلق بالقول والعمل. فالكفر بالاعتقاد: أن يقوم في قلبه من النكران، والإباء، والاستكبار، والجحود، والاستحلال، ما ينافي الإيمان، حتى لو لم يفُه بلسانه. أو أن يعتقد عقيدة باطلة، كعقيدة الجهمية؛ فيزعم أن الله تعالى لا يتسمى باسم، ولا يتصف بصفة، وينكر الأسماء والصفات، فهذا كفر اعتقادي. والكفر بالقول: أن يتفوه بكلام كفري، عالمًا، ذاكرًا، مختارًا، كما وقع


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (٥٠٦٢).
(٢) الآداب الشرعية والمنح المرعية (٢/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>